نزار قباني يقرأ مقطعاً من قصيدة "الوضوء بماء العشق والياسمين" - مقطع 2
أعود ... إلى الرحم الذي تشكلت فيه ... وإلى الكتاب الأول الذي قرأت فيه ... وإلى المرأة الأولى التي علمتني ... جغرافية الحب ... وجغرافية النساء ... أعود ... بعدما تناثرت أجزائي على كل القارات ... وتناثر سعالي في كل الفنادق ... فبعد شراشف أمي المعطرة بصابون الغار ... لم أجد سريراً أنام عليه.. . وبعد عروسة الزيت والزعتر ... التي كانت تلفها لي... لم تعد تعجبني أي عروسٍ في الدنيا ... وبعد مربى السفرجل الذي كانت تصنعه بيديها ... لم أعد متحمساً لإفطار الصباح ... وبعد شراب التوت الذي كانت تعصره ... لم يعد يسكرني أي نبيذ ...
عائدٌ إليكم ... وأنا مضرجٌ بأمطار حنيني ... عائدٌ ... لأملأ جيوبي ... بالقضامة والجانرك واللوز الأخضر ... عائدٌ إلى محارتي ... عائدٌ إلى سرير ولادتي ... فلا نوافير فرساي ... عوضتني عن مقهى النوفره ... ولا سوق الهال في باريس ... عوضني عن سوق الجمعه ... ولا قصر باكنغهام في لندن ... عوضني عن قصر العظم ... ولا حمائم سان ماركو في فينيسيا ... أكثر بركةً من حمائم الجامع الأموي ... ولا قبر نابوليون في الأنفاليد ... أكثر جلالاً من قبر صلاح الدين الأيوبي ...